الذوقُ كلمةٌ جميلة مُوْحِيَةٌ تَحْمِلُ في طياتها معاني اللطفِ، وحُسْنِ المعشر، وكمالِ التهذيبِ، وحسنِ التصرفِ، وتجنبِ ما يمنع من الإحراج وجرح الإحساسات بلفظ، أو إشارة أو نحو ذلك.
فهذه المعاني وما جرى مجراها تُفَسِّرُ لنا كلمة الذوقِ، وإن لم تفسرها المعاجمُ بهذا التفسير الملائم لما تعارف عليه الناس، وجرى بينهم مجرى العرف؛ فتراهم إذا أرادوا الثناء على شخص بما يحمله من المعاني السابقة قالوا: فلان عنده ذوق، أو هو صاحب ذوق.
وإذا أرادوا ذمَّه قالوا: فلان قليل الذوق، أو ليس عنده ذوق، وهكذا...
فالذوق بهذا الاعتبار داخلٌ في المعنويات أكثر من دخوله في الحسِّيات كذوق الطعام والشراب.
وموطن الذوق في المعنويات يدور حول العقل، والروح، والقلب.
وموطنه في عالم الحسيات لا يتجاوز اللسان، أو إحساس البدن بالملائم أو المنافر.
ولعلَّ لفظَ الذوقِ يَعْتَوِرُه ما يعتور بعضَ الألفاظِ في دلالتها، من حيث تطورُها، وانحطاطها؛ فهو بالمفهوم الذي مرَّ ذكره معنى سامٍ راقٍ.
ونصوص الوحيين -وإن لم تُشر للذوق بهذا اللفظ- حافلةٌ بما يرعاه، ويُعلي منارَه، ويحذر مما ينافيه.
ولو ألقيت نظرةً عامةً عَجْلى على شرائع الإسلام، وأصوله العظام كالصلاة والزكاة، والحج والصيام - لرأيت ذلك رأي العين.
أليس المسلمُ مأموراً حالَ إتيانه للصلاة أن يكونَ على طهارة، وأن يأخذ زينته عند كل مسجد، وأن يأتي وعليه السكينة والوقار؟ وأن يخفض صوته حال مناجاته لربه؟
أليس منهياً عن رفع الصوت في المسجد، وعن أن يأتي وقد أكل ثوماً أو بصلاً أو نحو ذلك مما يتأذَّى منه المصلون؟
ألم يكن من أدب الزكاة أن تُعطى للفقير خُفْيةً، وعلى وجه يرفع خسيسته، ولا يصدع قناة عزته؟
ألم يُؤمرِ الحجاجُ بالسكينة، ولزوم التؤدة، وترك أذية إخوانهم؟
أليس الصيامُ من أعظم ما يُرهف الحس، ويرتقي بالذوق، ويسمو بالروح؟
أليس فيه شعور بالآخرين، وإحساس بما يعانون من عوز الفقر، وذلة الحاجة؟
ألم تأتِ الأحاديثُ النبويةُ الشريفة منوهةً بخُلوف فَمِ الصائم، وأنه عند الله أطيب من ريح المسك، مع ما فيه من رائحة قد لا تروق؛ جبراً لخاطر الصائم، ونهياً لمن قد يجد في نفسه أذىً من هذه الرائحة، أو كراهة لمن صدرت منه - أن يتفوه بما لا يليق.
ثم إن الآثار الواردة في معاملة الناس على اختلاف طبقاتهم حافلةٌ بهذا المعنى، دالةٌ دِلالةً صريحةً على مراعاته.
وقل مثل ذلك في كثير من المناهي؛ فهي تحذر مما ينافي الذوق، أو يضعف جانبه.
ولا يقف الأمر عند سائر المعاملات حال السلم، بل يتعدى ذلك إلى حال الحرب؛ فيُراعى فيها جانبُ الذوق، وحسنِ المعاملة.
ولو ألقيت نظرةً في ما جاء في أدب الحرب في الإسلام لرأيت ما يقضي منه عجبك؛ فمن ذلك مجاملةُ رُسُل العدوِّ، وتركُ التعرض لهم بأذى؛ فقد يرسل العدوُّ رسولاً في شأن الصلح أو غيره مما فيه تخفيف شر الحرب؛ فَمِنْ حُسْنِ الرأي أن لا يُتَعَرَّض للرسل بأذى، وأن يكونوا في أمن حتى يعودوا إلى قومهم؛ فإن التعرض لهم بأذى يقطع صلة الرسالة بين الفريقين، ويسد طريق المفاوضات التي يُتَوسَّل بها إلى عدم الدخول في الحرب، أو إنهائها إذا كانت ناشبة.
ومكارم الأخلاقِ تأبى أن يُتَعَرَّض لرسول بأذى ولو أرسله قومه لإبلاغ ما عزموا عليه من محاربتنا، أو صدر منه كلام في تعظيم أمر قومه بقصد الفخر أو الإرهاب.
وقد جرى نظام الإسلام في الحرب على هذا الأدب المقبول.
قَدِمَ أبو رافع -رضي الله عنه- بكتاب من قريش إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فلما رأى رسول الله ألقِيَ في قلبه الإسلام، فقال: يا رسول الله: إني والله لا أرجع إليهم أبداً، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أما أني لا أخيس بالعهد، ولا أحبسُ البُرُدَ، ولكن ارجع؛ فإن كان في قلبك الذي في قلبك الآن فارجع".
قال: فرجعت، ثم أقبلت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأسلمت.
ومن ذلك تجنب قَتْل مَنْ لا يُقَاتِلُ؛ فالإسلام يحرم قَتْلَ نساء المحاربين، وصبيانهم، والطاعنين في السن منهم، ورهبانهم إن لم يحاربوا.
روى عبدالله بن عمر -رضي الله عنهما- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- نهى عن قتل النساء والصبيان.
وروى ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه -عليه الصلاة والسلام- كان إذا بعث جيوشاً، قال: "لا تقتلوا أصحاب الصوامع" يعني الرهبان.
وقال أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- في وصيته لجيش أسامة -رضي الله عنه-: "وسوف تمرون بأقوام قد فرّغوا أنفسهم في الصوامع؛ فدعوهم وما فرّغوا أنفسهم له".
وقال: "ولا تقتلوا طفلاً، ولا شيخاً كبيراً، ولا امرأة".
ومن وصايا عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- لأمراء الجيش: "ولا تقتلوا هرِماً، ولا امرأة، ولا وليداً، وتوقوا قتلهم إذا التقى الزحفان، وعند شن الغارات".
ويلحق بهؤلاء في تجنب قتلهم المريضُ، والمقعدُ، والأعمى، والمجنون.
وكذلك روي عن النبي -صلى الله عليه وسلم- النهي عن قتل العسيف، وهو الأجير.
وبهذا يظهر أن الإسلام إنما يَقْصِدُ من الحربِ قِتَالَ مَنْ يَقْصِدون لأن يُقَاتِلوا، ولا يصح القَصْد لقتل من ليس شأنه القتال.
ومن ذلك حسن معاملة الأسرى؛ فإذا وقعت طائفة من العدو المحارب في أسرنا لم يجز لأحد من الجنود أو غيرهم أن يمسهم بأذى، وإنما يرجع أمرهم إلى رأي ولي الأمر الواسع الخبرة بوجوه المصالح، فيعاملهم بما تقتضيه خطة الحزم، وما تمليه سماحة الأخلاق.
وذهب من علماء السلف الحسن البصري وعطاء بن أبي رباح -رحمهم الله- إلى أن ولي الأمر يخير في الأسرى بين أن يطلقهم على وجه المن، أو يطلقهم بفداء، وتمسكوا في هذا بقوله: (فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنّاً بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاءً حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا) محمد:4.
فهذه إشارات سريعة تدل على عناية الإسلام بهذا الجانب.
وكتب التفسير، والفقه، والأحكام، والآداب مليئة بما يقرر هذا المعنى.
وهكذا نجد أن الإسلام يرتقي بذوق أهله، وينأى بهم عن كل خُلُقٍ أو تَصَرُّفٍ يعاكس سلامةَ الذوقِ، أو يوهي حبالها.
ومع ذلك كله فإنك تلحظ خللاً كبيراً في هذا الجانب، وتشهد مظاهر عديدة من هذا القبيل تَمُرُّ بك كثيراً في حياتك اليومية.
وقد يكون ذلك الخلل أو المظهر صغيراً في عين من يقع فيه، ولكنه يُحدث فساداً عريضاً، وربما لا يبقى للمودة عيناً ولا أثراً.
فجديرٌ بالمسلم العاقل أن يرعى هذا الجانبَ، وحقيقٌ عليه أن يحذر مما ينافيه من الجفاء، والكزازة، والغلظة وما جرى مجرى ذلك.
وإن من علامات السعادة للإنسان أن يرزق ذوقاً سليماً مهذباً؛ فإنه إذا كان كذلك عَرَفَ كيف يستمتعُ بالحياة، وكيف يحترمُ شعورَ الآخرين ولا ينغص عليهم، بل يدخل السرور عليهم؛ فصاحب الذوق السليم قادرٌ على استجلاب القلوب، وإدخال السرور على نفسه وعلى من حوله.
وإذا ساد الذوق السليم في أسرة أو مجتمع رأينا كلَّ فرد من هؤلاء يتجنب جرح إحساس غيره بأي لفظ، أو عمل، أو إشارة، أو أي شيء يأباه الذوق.
ورأينا كل فرد يقوم بما أسند إليه من مسؤولية على أكمل وجه وأتمه.
إن الذوق السليم في الإنسان يرفعه إلى حد أن يتخير الكلمة اللطيفة، والتصرف الملائم الذي يمنع الإحراج، ويدخل السرور على الآخرين.
بل إن صاحب الذوق السليم يأبى النزاع، وحدة الغضب.
ولا يبالغ الإنسان إذا قال: إن رُقِيَّ الذوق أكثر أثراً في السعادة من رقي العقل؛ إن الذوق إذا رَقِيَ أَنِفَ من الأعمال الخسيسة، والأقوال النابية، والأفعال السخيفة.
أما من جفَّ طبعه، وكثفت نفسه، وقلَّ ذوقه - فلا تَسَلْ عما سيحدثه من شرخ في الناس، وما سيجلبه من شقاء لنفسه وغيره، فتراه لا يراعي مشاعرَ الآخرين، ولا يأنف من مواجهتهم بما يكرهون؛ فإذا ما حضر مجلساً، وابتدر الكلام وضَعْتَ يَدَك على قلبك؛ خشيةَ أن يَزِلَّ، أو يَفْرُطَ على أحد من الحاضرين.
فإذا ما وجد مجالاً يشبع فيه طبيعتَه النَّزِقَةَ الجهولَ - هام على وجهه، لا ينتهي له صياح، ولا تنحبس له شِرَّة.
فتارة يُذَكِّر الحاضرين بعيوبهم، وتارة يؤذيهم بلحن منطقه، وتارة يذكِّرهم بأمور يسوؤهم تَذَكُّرُها.
"أكب رجل من بني مرة على مالك بن أسماء يحدثه في يوم صيف، ويُغِمّه، ويثقل عليه، ثم قال: أتدري من قتلنا منكم في الجاهلية؟
قال: لا، ولكني أعرف من قتلتم منا في الإسلام.
و قال: من هم؟
قال: أنا قتلتني اليوم بطولِ حديثك، وكثرةِ فُضولك".
وقال ابن القيم -رحمه الله-: "ومنهم مَنْ مُخالطتُه حُمَّى الروح، وهو الثقيل البغيض العقل، الذي لا يحسن أن يتكلم فيفيدك، ولا يُحْسِن أن ينصت؛ فيستفيدَ منك، ولا يعرفُ نفسه، فيضعُها في منزلتها.
بل إن تكلم فكلامُه كالعصى تنزل على قلوب السامعين مع إعجابه بكلامه وفرحه به؛ فهو يُحْدِثُ مِنْ فِيِهِ كلما تحدث، ويظن أنه مسك يطيب به المجلس، وإن سكت فأثقل من نصف الرّحا العظيمة، التي لا يطاق حملها ولا جرها على الأرض.
ويُذْكَرُ عن الشافعي -رحمه الله- أنه قال: ما جلس إليّ ثقيل إلا وجدت الجانب الذي هو فيه أنزل من الجانب الآخر.
ورأيت يوماً عند شيخنا [1] -قدس الله روحه- رجلاً من هذا الضرب، والشيخ يحمله وقد ضعفت القوى عن حمله، فالتفت إليّ وقال: مجالسة الثقيل حمى الرَّبَع، ثم قال: لكن قد أدمنت أرواحنا على الحمى، فصارت لها عادة، أو كما قال".
ولهذا فالرجل النبيل، ذو المروءة والأدب هو من يراعي مشاعر الآخرين، ويحفظ عليهم كرامتهم وماء وجوههم.
"قال بعضهم: صحبت الربيع بنِ خثيم عشرين عاماً ما سمعت منه كلمةً تعاب".
وكذلك ترى قلة الذوق عند بعض الناس حتى في حال تأديتهم لشعائر الإسلام العظمى؛ فترى بعض الناس لا يراعي ذلك في الصلاة، فربما أتى ورائحته مؤذية كمن يأكل الثوم، أو البصل، أو يشرب الدخان.
وترى القلوب في بعض الأحيان في المساجد قد بلغت الحناجر، فلا يحتمل الواحد أدنى توجيه أو إشارة أو طلب تقدم أو تأخر.
وترى العراك الذي قد يصل إلى حد الاشتباك حول التكييف وما شاكله.
وقل مثل ذلك وأشد في الحج، فكم هي المآسي عند الطواف، ورمي الجمار، وعند الحلق أو التقصير، أمور لا تخفى على ذي لب.
وأما ما يحصل في المقابر حال دفن الجنائز - فحدث ولا حرج؛ فهذا يرفع صوته، وذاك يكثر من التدبير في غير محله.
ثم إن التزاحم حول القبر، ومضايقة من يقومون بالدفن أمر يحزن القلب، ويعطل الناس.
ومما يدخل في ذلك - قلة الذوق في قيادة السيارة، ويتجلى ذلك في التهور في قيادتها، وقلةِ المراعاة لقواعد السير، ولبقية الناس ممن يسيرون في الأماكن العامة، وأذيةِ الآخرين بالتفحيط ورفع أصوات الغناء، ورمي المخلفات في الشوارع.
ويدخل في ذلك ما يفعله بعض سائقي السيارات؛ حيث يأخذ مكاناً كبيراً إذا أراد إيقاف سيارته في مكان عام، فيضيق على الناس، ويحرمهم من حقهم، ولو أنه وقف كما ينبغي لاتسع المكان، واستفاد منه عدد أكبر.
ومن قلة الذوق ما تراه عند إشارة المرور من قطع للإشارة، وتسبب في الحوادث، وكذلك ما تراه مِنْ تَقدُّمٍ على مَنْ له حقٌّ في السير كما هو الحال عند الأماكن التي يوجد فيها دوَّار؛ فتكون الأفضلية للقادم من الدوار، غير أن بعض الناس يجعل القاعدة في ذلك أن الأفضلية للجزوم!!
وكلمة (الجزوم) في العامية الدارجة تعني صاحب المغامرة الذي قد لا يبالي بالعواقب.
ومن قلة الذوق ما تراه عند صَرَّافة النقود؛ حيث ترى بعض الناس يتخطى مَنْ قَبْلَهُ، وترى منهم من إذا جاء دَوْرُه في الصرف اشتغل بمكالمة عَبْرَ جواله، وإذا فرغ من مكالمته بدأ يبحث عن بطاقته، ثم إذا صرف وقف ينظر في كشف حسابه، وربما أطال الوقوف.
كل ذلك والناس على أحر من الجمر ينتظرون فراغه.
ولو أنه استعد للصرف قبل أن يأتي دوره، وانصرف حال انتهائه من غرضه - لكان خيراً له، وأكمل في أدبه.
بل يدخل في قلة الذوق ترك العناية بطريقة إلقاء السلام أو الدعاء؛ فربما يقولها بعض الناس بنبرة موحشة، موغرة للصدر؛ فتكون مجلبة للضغائن بدلاً من أن تكون برداً وسلاماً.
ومن قلة الذوق -وهو كثير- ما يقع في البيع والشراء من كثرة المماكسة، وإذلال صاحب المتجر، أو صاحب الصنعة.
ومن قلة الذوق سوء طلب الحاجة؛ فبعض الناس لا يُحسن ذلك؛ فتراه يلحف، ويلح، ولا يراعي الوقت المناسب.
ومن قلة الذوق ما يقع في المكالمات الهاتفية، والرسائل الجوالية على وجه الخصوص؛ فقد تكون الرسالة الجوالية ملائمة لشخص، ولكنها غير ملائمة لآخر، وقد تكون صالحة لأن ترسل لكبير قدر أو سنٍّ، ولا تصلح أن ترسل إلى غيره، وقد يصلح أن يرسلها شخص ولا يصلح أن يرسلها آخر، وقد تصلح لأن ترسلها لمن يَعْرفك ويَعْرف مقاصدك، ولا يصلح أن ترسلها لشخص لا يعرف مقاصدك، أو لشخص شديد الحساسية سيء الظن؛ فمراعاة تلك الأحوال أمر مطلوب.
وكم حصل من جراء التفريط بذلك الأدب من إساءة ظن، وقيام لسوق العداوة.
ومن قلة الذوق ما تراه من الكتابات البذيئة على جدران الأماكن العامة؛ فهي تشوه وجه البلد حساً ومعنىً، وتربي على قلة الحياء، وربما كانت سبباً في شيوع الفاحشة.
ومما يدخل في هذا القبيل قلةُ المراعاة لأدب المحادثة كالثرثرة، والاستئثار بالحديث، وكثرةِ الأسئلةِ وتَعَمُّد الإحراج فيها، والحديث بما لا يناسب المقام، والتعالي على السامعين، وترك الإصغاء للمتحدث، والاستخفاف بحديثه، والمبادرة إلى إكماله، والقيام عنه قبل إكمال حديثه، والمبادرة إلى تكذييبه.
ويدخل في قلة المراعاة لأدب المحادثة رفع الصوت بلا داعٍ، والشدة في العتاب، والغلظة في الخطاب، والجدال والمراء والخصومة، وبذاءة اللسان، والتفحش في القول، والتقعر في الكلام.
ومما يدخل في قلة الذوق قلة المراعاة لأدب المجالسة، كتتبع عثرات الجليس، وإظهار الملالة منه.
ومن ذلك تناجي الاثنين دون الواحد، والجلوس وسط الحلقة، والتفريق بين اثنين متجالسين دون إذنهما، وإقامة الرجل من مجلسه، والجلوس مكانه.
وبالجملة فالأمثلة على قلة الذوق كثيرة، وما مضى إنما هو إشارات ليس إلا.
فياليت جانب الذوق يلقى عناية ونصيباً من تعليمنا، ودروسنا، وخطبنا، وإعلامنا؛ لنتجنب كثيراً من الشرور التي ربما كان سببها التقصير في هذا الجانب[2].
-------------------------------------------
[1]- يعني به: شيخ الإسلام ابن تيمية.
[2]- وإذا أردت مزيد بيان وإيضاح لما مضى ذكره فارجع إلى كتاب (سوء الخلق - مظاهره - أسبابه - علاجه) وكتاب (أخطاء في أدب المحادثة والمجالسة) وكتاب (فقر المشاعر) وكتاب (رسائل في الزواج والحياة الزوجية) وجميعها للكاتب.
طباعة
ارسال