عَنْ قَبِيصَةَ بنِ الْمُخَارِقِ وَزُهَيْرِ بنِ عَمْرٍو قَالَا: لَمَّا نَزَلَت { وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ} قَالَ: انْطَلَقَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى رَضْمَةٍ مِنْ جَبَلٍ, فَعَلَا أَعْلَاهَا حَجَرًا, ثُمَّ نَادَى: يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافَاهْ! إِنِّي نَذِيرٌ؛ إِنَّمَا مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَمَثَلِ رَجُلٍ رَأَى الْعَدُوَّ, فَانْطَلَقَ يَرْبَأُ أَهْلَهُ, فَخَشِيَ أَنْ يَسْبِقُوهُ, فَجَعَلَ يَهْتِفُ: يَا صَبَاحَاهْ!.
شرح المفردات:
( الرَّضْمَة ) بِفَتْحِ الرَّاء وَإِسْكَان الضَّاد الْمُعْجَمَة, وَبِفَتْحِهَا لُغَتَانِ, وَالرَّضْمَة وَاحِدَة الرَّضْم, وَالرِّضَام, وَهِيَ: صُخُور عِظَام بَعْضهَا فَوْق بَعْض, وَقِيلَ هِيَ دُون الْهِضَاب.
( يَرْبَأ ): فَهُوَ بِفَتْحِ الْيَاء وَإِسْكَان الرَّاء وَبَعْدهَا بَاء مُوَحَّدَة ثُمَّ هَمْزَة عَلَى وَزْن يَقْرَأ, وَمَعْنَاهُ: يَحْفَظهُمْ وَيَتَطَلَّع لَهُمْ, وَيُقَال لِفَاعِلِ ذَلِكَ ( رَبِيئَة ) وَهُوَ الْعَيْن وَالطَّلِيعَة الَّذِي يَنْظُر لِلْقَوْمِ لِئَلَّا يَدْهَمَهُم الْعَدُوّ, وَلَا يَكُون فِي الْغَالِب إِلَّا عَلَى جَبَل أَوْ شَرَف أَوْ شَيْء مُرْتَفِع لِيَنْظُرَ إِلَى بُعْد.
( يَهْتِف ) فَبِفَتْحِ الْيَاء وَكَسْر التَّاء, وَمَعْنَاهُ: يَصِيح وَيَصْرُخ.
( يَا صَبَاحَاهُ ) كَلِمَة يَعْتَادُونَهَا عِنْد وُقُوع أَمْر عَظِيم فَيَقُولُونَهَا لِيَجْتَمِعُوا وَيَتَأَهَّبُوا لَهُ، وخص هذا الوقت لأنه كان الأغلب لوقت الغارة فكأن المعنى جاء وقت القتال فتأهبوا.
من فوائد الحديث:
1- مبادرة النبي صلى الله عليه وسلم إلى امتثال أمر ربه بدعوة أهله وعشيرته، والبداءة بهم قبل غيرهم.
2- بيان شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على عشيرته وقومه، وحرصه على نجاتهم من عذاب الله تعالى وعقوبته.
3- فضل الدعوة إلى الله عز وجل وأنها من أفضل القربات إليه، قال تعالى: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنْ الْمُسْلِمِينَ ) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم ) ، وهي وظيفة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وخواص أتباعهم، فعلى المسلم أن يعنى بذلك وأن يجتهد في الدعوة إلى الله على علم وبصيرة قدر وسعه وطاقته.
· المصدر: موقع الشبكة الإسلامية وعلومها.
طباعة
ارسال