أجمعت الأمة على تحريم الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ». متفق عليه وهو حديث متواتر، وأما ما جاء عن بعض أهل البدع من الكرامية وبعض المتصوفة من إباحة الوضع في الترغيب والترهيب فهو باطل مردود .
كما تحرم رواية الحديث الموضوع سواء كان في الأحكام أم في القصص والترغيب ونحوها إلا مبيناً وضعه ، وذلك لحديث رسول الله عليه الصلاة والسلام (من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكذابين) - ورويت لفظة الكذابين في هذا الحديث على صيغة التثنية والكاذبين بالجمع
وقد ذكر المحدثون أموراً كليه يعرف بها كون الحديث موضوعا منها اشتماله على مجازفات في الوعد والوعيد، ومنها سماجة الحديث وكونه مما يسخر منه ،ومنها مناقضته لما جاءت به السنة الصريحة ، ومنها أن يكون باطلا في نفسه فيدل بطلانه على وضعه ومنها أن لا يشبه كلام الأنبياء بل لا يشبه كلام الصحابة .
وأسباب الوضع عدة منها عدم الدين كالزنادقة قصدوا إفساد الشريعة والتلاعب بالدين ، أو غلبة الجهل كبعض المتعبدين أو فرط العصبية كبعض المقلدين ،أو اتباع هوى بعض الرؤساء ، أو لقصد الاشتهار وكل ذلك حرام بإجماع العلماء .
ومن الأحاديث الموضوعة (حب الوطن من الإيمان) و (لولاك ما خلقت الأفلاك)و(تعلموا السحر ولا تعملوا به).
ولقد سخر الله علماء أهل الحديث لبيان الأحاديث المكذوبة وكل ذلك من حفظ الله لدينه ، وقد قيل للإمام عبدالله بن المبارك رحمه الله هذه الأحاديث المصنوعة فقال تعيش لها الجهابذة " إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ".
ولقد ألف علماء الحديث من الكتب في التحذير من الوضع والحديث الموضوع والسؤالات ومن ذلك : كتاب (الأباطيل) للجوزقاني وكتاب (الموضوعات الكبرى) لأبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي و(العلل المتناهية) له (تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة) لابن عراق الكناني والمنار المنيف لابن القيم و(الفوائد المجموعة في الأحاديث الموضوعة) و(المغني عن الحفظ والكتاب بقولهم لم يصح شيء في هذا الباب) للحافظ الموصلي الحنفي) ، ومن كتب العلل : علل الدارقطني والعلل للإمام أحمد ، ومن الكتب المعاصرة سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة للعلامة محمد ناصر الدين الألباني.
وعليك أيها المسلم بالتحري والتثبت في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، سدد الله أمرك ،ورزقنا جميعاً الإخلاص وصدق الاتباع.
* المصدر: الجمعية السعودية للسنة وعلومها.
طباعة
ارسال