القسم الأول : الحفاظ معتنون بالضبط والحفظ والأداء كما سمعوا ،ولا يستنبطون، ولا يستخرجون كنوز ما حفظوه، وقسم معتنون بالاستنباط، واستخراج الأحكام من النصوص، والتفقه فيها فالأول:
كأبي زرعة، وأبي حاتم، وابن دارة، وقبلهم: كبندار محمد بن بشار،وعمرو الناقد، وعبد الرزاق، وقبلهم: كمحمد بن جعفر غندر ،وسعيد بن أبي عروبة، وغيرهم من أهل الحفظ والاتقان ،والضبط لما سمعوه، من غير استنباط وتصرف واستخراج الأحكام من ألفاظ النصوص .
والقسم الثاني :كمالك ،والشافعي، والأوزاعي، وإسحق ،والإمام أحمد بن حنبل، والبخاري ،وأبي داود، ومحمد بن نصر المروزي ،وأمثالهم، ممن جمع الاستنباط والفقه إلى الرواية ،
فهاتان الطائفتان هما أسعد الخلق بما بعث الله تعالى به رسوله صلى الله عليه وسلم وهم الذين قبلوه ورفعوا به رأسا.
وأما الطائفة الثالثة وهم أشقى الخلق الذين لم يقبلوا هدى الله ولم يرفعوا به رأسا ،فلا حفظ ولا فهم، ولا رواية ولا دراية، ولا رعاية .
فالطبقة الأولى: أهل رواية ودراية
والطبقة الثانية: أهل رواية ورعاية، ولهم نصيب من الدراية بل حظهم من الرواية أوفر
والطبقة الثالثة: الأشقياء لا رواية ولا دراية ولا رعاية ((إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا ))
فهم الذين يضيقون الديار ويغلون الأسعار، إن همة أحدهم إلا بطنه وفرجه، فإن ترقت همته كان همه مع ذلك لباسه وزينته، فإن ترقت همته فوق ذلك كان همه في الرياسة والانتصار للنفس الغضبية ،فإن ارتفعت همته عن نصرة النفس الغضبية، كان همه في نصرة النفس الكلبية فلم يعطها الى نصرة النفس السبعية فلم يعطها احد من هؤلاء فان النفوس كلبية وسبعية وملكية ، فالكلبية تقنع بالعظم والكسرة والجيفة والقذرة والسبعية لا تقنع بذلك بل تقهر النفوس تريد الاستيلاء عليها بالحق والباطل واما الملكية فقد ارتفعت عن ذلك وشمرت الى الرفيق الأعلى فهمتها العلم والإيمان ومحبة الله ...
من كلام الإمام ابن قيم الجوزية رحمه الله في الوابل الصيب ص 84
طباعة
ارسال