إن اليهود في زمن سليمان عليه السلام نبذوا كتاب الله واتبعوا كتب السحرة والشعوذة . وذلك أن الشياطين كانوا يسترقون السمع من السماء ثم يضيفون إلى ما سمعوا أكاذيب يلفقونها ثم يلقونها إلى الكهنة والسحرة , الذين يدونوها في كتبهم ويعلموها الناس.
وفشا ذلك في زمان سليمان عليه السلام، حتى قالوا: إن الجن تعلم الغيب. وكانوا يقولون هذا علم سليمان عليه السلام، وما تمَّ لسليمان ملكه إلا بهذا العلم وبه سخر له الجن والإنس والطير والريح.
فاختلط الأمر على الناس حتى أنهم ماعادوا يستطيعون التمييز بين السحر والمعجزة فأنزل الله هذين الملكين هاروت وماروت لتعليم الناس السحر ابتلاءً من الله وحتى يميز الناس السحر من المعجزة ويعلموا الفرق بين كلام الأنبياء عليهم السلام وبين كلام السحرة.
وكلما علم هاروت وماروت أحداً من الناس السحر قالا له: إنما نحن ابتلاء من الله، فمن تعلم منا السحر واعتقده وعمل به فقد كفر، ومن تعلمه ليقي نفسه فلا يختلط عليه السحر من المعجزة فقد ثبت على الإيمان.
و تعلم بعض الناس من هاروت وماروت من السحرما يمكنهم من التفريق بين الأزواج, وذلك بأن يخلق الله تعالى عند استخدام ماتعلموه النفرة والخلاف بين الزوجين، ولكنهم لا يستطيعون أن يضروا بالسحر أحداً إلا بإذن الله تعالى، لأن السحر من الأسباب التي لا تؤثر بنفسها بل بأمره تعالى ومشيئته وخلقه.
والخلاصة: أن الله تعالى إنما أنزلهما ليحصل بسبب إرشادهما الفرق بين الحق الذي جاء به سليمان وأتم الله له به ملكه، وبين الباطل الذي جاءت به الكهنة من السحر.
طباعة
ارسال