إن الجان خلقوا من النار وهم يأكلون ويشربون ويتناسلون ومنهم المؤمنون ومنهم الكافرون.
وكانوا يعيشون على الأرض قبل بني آدم, فأفسدوا في الأرض, فأمر الله الملائكة بالنزول إلى الأرض وقتلهم فنزلت الملائكة إلى الأرض فقتلوا بعضهم وأسروا بعضهم وكان إبليس من الجن الذين أسرتهم الملائكة وذهبوا به إلى السماء .
فلما أراد الله خلق آدم ليكون خليفة له في الأرض هو وذريته من بعده وصور جثته أخذ إبليس وهو رئيس الجان وأكثرهم عبادة إذ ذاك وكان اسمه عزازيل يدور حول آدم فلما رآه أجوف عرف أنه خلق لا يتمالك, وقال : أما لئن سُلطت عليك لأهلكنك ولئن سُلطت علي لأعصينك.
فلما نفخ الله في آدم من روحه وأمر الملائكة بالسجود له, داخل إبليس منه حسد عظيم وامتنع من السجود له وقال أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين.
وهذا السجود الذي أمر الله به الملائكة وإبليس أن يسجداه لآدم إنما هو سجود تحية وتكريم وليس سجود عبادة كالسجود الذي نسجده لله تعالى.
فخالف إبليس الأمر واعترض على الرب عز وجل وأخطأ وابتعد من رحمة ربه ونزل من مرتبته التي كان قد نالها بعبادته وكان قد تشبه بالملائكة ولم يكن من جنسهم لأنه مخلوق من نار والملائكة خلقت من نور.
فأهبط إبليس من الملأ الأعلى فنزل إلى الأرض حقيرا ذليلا متوعَداً بالنار هو ومن اتبعه من الجن والإنس.
إلا أنه مع ذلك جاهد كل الجهد على إضلال بني آدم بكل طريق وبكل مرصد كما قال الله حكاية عنه : (( قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ(39) )).
وقد سلطه الله هو وذريته على آدم وذريته امتحاناً لهم واختباراً وقد تكفل الله عز وجل بعصمة من آمن بالله وصدق رسله واتبع شرعه منهم كما قال الله تعالى: (( إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ وَكَفَى بِرَبِّكَ وَكِيلًا )).
طباعة
ارسال