عن عبد الله بن محمّد بن أبي بكر بن حزم عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يعزي أخاه بمصيبة إلا كساه الله من حلل الكرامة يوم القيامة».
شرحه:
ما من مؤمن يعزي أخاه بمصيبة: أي يُصَبِّره عليها بما يأتي في خير من عزى مصاباً. وأذكر هنا بعض الأحكام ذكرها النووي رحمه الله في «الأذكار» ص26-27 قال: واعلم أن التعزية هي التصبر، وذكر ما يسلي صاحب الميت، ويخفف حزنه ويهون مصيبته وهي مستحبة، فإنها مشتملة على الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر وهي داخلة أيضاً في قول الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة:2] وهذا أحسن ما يستدل به في التعزية...
واعلم أن التعزية مستحبة قبل الدفن وبعده.
قال أصحابنا- أي السادة الشافعية- يدخل وقت التعزية من حين الموت ويبقى إلى ثلاثة أيام بعد الدفن. والثلاثة على التقريب لا على التحديد، كذا قال الشيخ أبو محمّد الجويني.
قال أصحابنا: وتكره التعزية بعد ثلاثة أيام، لأن التعزية لتسكين قلب المصاب، والغالب سكون قلبه بعد الثلاثة فلا يجدد له الحزن.
وقال أبو العباس بن القاضي الشافعي: لا بأس بالتعزية بعد الثلاثة، بل يبقى أبداً وإن طال الزمان...
والمختار أنها لا تفعل بعد ثلاثة أيام إلا في صورتين استثناهما أصحابنا أو جماعة منهم، وهما: إذا كان المعزيّ أو صاحب المصيبة غائباً حال الدفن، واتفق رجوعه بعد الثلاثة.
قال أصحابنا- أي الشافعية- التعزية بعد الدفن أفضل من قبله، لأن أهل الميت مشغولون بتجهيزه ولأن وحشتهم بعد دفنه لفراقه أكثر، هذا إذا لم يرَ بهم جزعاً شديداً فإن رآه قدّم التعزية ليسكنهم والله تعالى أعلم.
ثم قال: ويستحب أن يعم بالتعزية جميع أهل الميت وأقاربه الكبار والصغار والرجال والنساء، إلا أن تكون امرأة شابة، فلا يعزيها إلا محارمها.
وقال أصحابنا: وتعزية الصلحاء والضعفاء على احتمال المصيبة أكبر.
ثم قال: وأما لفظ التعزية، فلا حجر فيه بأي لفظ عزاه حصلت واستحب أصحابنا أن يقول في تعزية المسلم للمسلم: أعظم الله أجرك وأحسن عزاءَك، وغفر لميتك. وفي تعزية المسلم بالكافر: أعظم الله أجرك وأحسن عزاءَك. وفي تعزية الكافر بالمسلم: أحسن الله عزاءك وغفر لميتك. وفي تعزية الكافر بالكافر: أخلف الله عليك.
قال ابن علان في «شرح الأذكار» 4/143: قال الحافظ: أخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر وابن الزبير أنهما كانا يقولان في التعزية: أعقبك فيه عقبى صالحة، كما أعقب عباده الصالحين وسنده حسن ا. هـ. بتصرف واختصار.
* المرجع:
- الأربعون حديثاً في اصطناع المعروف: الإمام المنذري.
- خلق المسلم: الإمام الغزالي.
طباعة
ارسال