أخلاق مذمومة ومنهي عنها ومصدرها الخبث واللؤم، وهي صفات منتشرة في مجتمعاتنا يجب الابتعاد عنها والتحذير من خطرها.
معاني هذه الصفات:
الفحش: هو التعبير عن الأمور المستقبحة بالعبارات الصريحة.
السب: شتم الآخرين بكلمات الفحش.
بذاءة اللسان: كل ما يجري على اللسان من فحش وسب. والباعث على ذلك كله إما الإيذاء للآخرين وإما الاعتياد الحاصل من مخالطة الفساق وأهل الخبث واللؤم ومن تلك عاداتهم.
نهي القرآن الكريم عن ذلك:
قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْـمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾ [النحل:90].
الفحشاء: الذنوب المفرطة في القبح (ومنها فُحشُ اللسان).
وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ فَيَسُبُّواْ اللهَ عَدْوًا بِغَيْرِ عِلْمٍ﴾ [الأنعام:108].
نهي الرسول صلى الله عليه وسلم عن ذلك:
1- «إياكم والفحش فإنَّ اللهَ تعالى لا يحبُ الفحشَ ولا التفحشَ» (رواه النسائي والحاكم من حديث عبد الله بن عمر). (ورواه ابن حبان من حديث أبي هريرة)
2- «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أن نسب قتلى بدر من المشركين فقال: «لا تسبوا هؤلاء فإنه لا يخلص إليهم شيء مما تقولون وتؤذون الأحياء ألا إن البذاء لؤم». (أخرجه ابن أبي الدنيا مرسلاً)
3- «ليس المؤمن بالطعان ولا اللعان ولا الفاحش ولا البذيء». (رواه الترمذي من حديث ابن مسعود)
4- «البذاء والبيان شعبتان من شعب النفاق». (رواه الترمذي من حديث أبي أمامة)
البيان: كشف ما لا يجوز كشفه.
5- قال جابر بن سمرة: كنت جالساً عند النبي صلى الله عليه وسلم وأبي أمامي فقال صلى الله عليه وسلم: «إن الفحش والتفاحش ليسا من الإسلام في شيء وإن أحسن الناس إسلاما أحاسنهم أخلاقاً» (رواه أحمد وابن أبي الدنيا)
6- قال أعرابي لرسول الله صلى الله عليه وسلم: أوصني فقال: «عليك بتقوى الله وإن امرؤ عيَّرك بشيء تعلمه فيك فلا تعيره بشيء فيه يكن وباله عليه وأجره لك ولا تسبن شيئاً»، قال: فما سببت بعده. (رواه أحمد والطبراني من حديث أبي جرير الهجيمي)
7- عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «المُسْتبَّان ما قالا، فعلى البادئ منْهُما حتَّى يتَعدَّى المظلُومَ». (رواه مسلم وأبو داود والترمذي)
8- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «سبابُ المُسْلمِ فُسوق، وقتالُهُ كُفْرٌ». متفق عليه)
9- عن عائشة رضي الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إنَّ شرَّ الناسِ عِنْدَ اللهِ منزلةً يومَ القيامة من تركهُ الناسُ اتقاءَ شرِّه» (رواه البخاري)
10- عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من أكبر الكبائر أن يلعن الرجُل والديه؟ قيل يا رسول الله: وكيفُ يلعنُ الرجل والديه؟ قال: يسب أبا الرجُلِ فيسبُ أباه، ويسبُّ أمَّهُ فيسُبُ أمَّهُ». (رواه البخاري وغيره)
ما ورد عن السلف:
1- قال إبراهيم بن ميسرة: يقال يؤتى بالفاحش والمتفحش يوم القيامة في صورة كلب أو في جوف كلب.
2- وقال الأحنف بن قيس: ألا أخبركم بأدوإ الداء (بأسوئه) اللسان البذي، والخلق الدني.
3- قال العلاء بن هرون: كان عمر بن عبد العزيز يتحفظ في منطقة فخرج تحت إبطه خرّاج فأتيناه نسأله لنرى ما يقول؟ فقلنا: من أين خرج؟ فقال: من باطن اليد.
4- قال عمرو بن عتبة: نزه نفسك عن استماع الخنى (الكلام الفاحش) كما تنزه لسانك عن الكلام به، فإن السامع شريك القائل، ولو ردُت كلمة الناطق بالأذى في فيه لسعد رادُّها كما شقي قائلها.
5- قال المهلب: [إذا سمع أحدكم العوراء (الكلمة القبيحة) فليطأطئ لها فتتخطاه].
مما قاله الشعراء:
1- قال أبو الحسبن بن الحراث الهاشمي:
تحرَّ من الطُّرُقِ أوساطَها * وعد عن الموضع المشتبه
وسمعُكُ صُن عن قبيح كلام * كصونِ اللسان عن النطق به
فإنك عند استماعِ القبيحِ * شريك لقائِله فانتبهِ
2- وقال الشاعر:
إذا ما بدت من صاحب لكَ زلةٌ * فكن أنت محتالاً لزلته عُذرا
أحبُّ الفتى ينفي الفواحشَ سمعُهُ * كأن به عن كل فاحشةٍ وقرا
سليمُ دواعي الصدرِ لا باسطاً أذى * ولا مانعاً خيراً ولا قائلاً هجرا
الوقر: خفة السمع أو ذهابه كله (الصمم).
وقال ثالث:
وتجنبِ الفحشاءَ لا تنطقْ بها * ما دُمت في جدِّ الكلامِ وهزله
واحبسْ لِسانَك عن رديء مقالةٍ * وتوقَّ من عثر اللسان وزله
كم كلمةٍ جرّت لرأس نقمةً * كالدهر يرشق نَبْلهُ في نُبْلِهِ
أي كالدهر يرمي سهامه في الفضيلة.
4- وقال رابع:
أحبُّ مكارمُ الأخلاقِ جهدي * وأكره أن أعيبَ وأنْ أُعابا
وأصفحُ عن سبابِ الناسِ حلما * وشرُ الناسِ من يهوى السِبابا
لقوله صلى الله عليه وسلم: «بحسب امرئ من الكذب أن يحدّث بكل ما سمع» (رواه مسلم)
11- لتكثرَ من الكلام المفيد للدنيا والآخرة ففي كل كلمة أجر إذا ابتغى بها وجه الله.
العبرة والتطبيق:
أيها الناشئة [المؤمن والمؤمنة]:
بعد الذي عرفت عن هذه الآفات الخطرة المذمومة المنهي عنها، المتفشية في مجتمعاتنا ما عليك إلا أن تعمل بما يلي:
1- بادر بالاستغفار والتوبة مما كان منك قبل معرفتك هذه.
2- خذ العهد على نفسك أمام الله أن لا ترتكب أي خطأ من هذه الآفات، فلا يتكلم لسانك بفحش أو سب أو بذاءة.
3- احذر أن تتكلم بهذه الآفات أو أن يصدر منك شيء منها وإذا ساقك إليها لسانك فاصمت مباشرة، واستغفر الله، وأظهر سبب استغفارك أمام الآخرين، وتب إلى الله ولا تعد لمثلها أبداً.
4- لا تجامل ولا تجالس ولا تستمع إلى من يرتكب مثل هذه الأخطاء ويقع في هذه الآفات ويعتادها.
بل أظهر استياءك من كل من يتكلم بها مهما كانت منزلته وأمره، وأوقفه عن الكلام وابتعد عنه واهجره.
5- قم بالنصيحة للمرضى بهذه الآفات، وبين لهم أخطارها، ونهى الرسول صلى الله عليه وسلم عنها.
6- انتبه لأخوتك الصغار من أن يصدر منهم شيء منها، وعودهم الكلام الحسن وكافئهم عليه، وازجرهم عندما تسمع منهم كلاماً سيئاً.
* المرجع:
- الآداب الشرعية: الإمام محمد بن مفلح.
- الآداب الإسلامية: د. محمد خير فاطمة.
- خلق المسلم: د. وهبة الزحيلي.
طباعة
ارسال