* الشبهة: التَّنصُّل من حكم الإسلام في قتل هؤلاء المجرمين بحجَّة نفي الإرهاب والعنف عن الإسلام وبحجة عدم القدرة على هؤلاء مما يثير الفتنة والبلابل ويشوِّه صورة الإسلام:
* جواب الشبهة: هذا كله هراءٌ محضٌ، أما الحجة الأولى فمردودة لأن أحكام الإسلام لا يضرها أن يسميها الجهلة ما يريدون، ولقد ثبت بالقرآن والإجماع وجوب قتل سابِّ الرسولِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وتقدَّمت الأدلَّة على ذلك.
ولقد سمى الكفَّار قديماً رسولَ الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ساحراً ومجنوناً وشاعراً حاشاه صلوات الله وسلامه عليه فلم يمتنع عن دعوة الناس وتبليغ رسالة ربِّ العالمين بذريعة منع تسمية الكفَّار له بذلك!!
وأما الحجة الثانية فمردودة أيضاً لأنَّ عدمَ التمكُّن من إقامة الحكم شيءٌ, وإنَّكارُ الحكم شيءٌ آخر، وهذا على فرض عدم التمكُّن من إقامة الحكم في هؤلاء الصعاليك المجرمين.
فنحن نتكلم في المقام الأول عن بيان حكم الله ورسوله في هؤلاء المجرمين ثم يُنتقل إلى تطبيق الحكم، ولو صدقنا الله تعالى في السعي إلى ذلك ليسَّره الله تعالى لنا، ومن يزعم اليوم أنَّنا في واقع ضعفٍ فهو بين واهمٍ ومرجفٍ مخذِّل؛ إن واقعنا اليوم واقع خذلان لا واقع ضعف، والدليل أنَّنا نجد من انتصارنا لأنفسنا ولدنيانا ومرادات نفوسنا حكاماً ومحكومين أضعاف أضعاف ما نجد من انتصارنا لله عزَّ وجلَّ ولرسولِه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، ومن كان هذا حاله كان خاذلاً متخاذلاً، ولم يكن ضعيفاً مقهوراً، اللهمَّ إلا أمام شهوته وطاغوته ووليه من دون الله.
ولا بدَّ لنا هنا من كلمةٍ حول مسألة العنف في الإسلام ومعالجة الإسلام لبعض المظاهر بالقوة والسيف بدلاً من الحجة والبرهان.
فإن مَثلَ هذا مثل من كان في جسده مرضٌ فنظر الطبيب في نوع مرضه ليقرِّر العلاج النافع له؛ فمن كان مرضه ضعفاً عاماً في الجسد مع سلامة الجسد من الآفات الخبيثة وصف له ما يقوِّي بدنه ويقيم صلبه، ومن كان مرضه ناجماً عن انعقاد مادةٍ سمِّيَّةٍ في الجسد وصف له ترياقاً ناجعاً يقاوم السمَّ ويُذهب أثره، ومن كان مرضه نتناً خبيثاً كالغرغرينا والسرطان لم يصف له الطبيب إلا بتراً لذاك العضو المصاب بذلك، وهذا البتر مع ما فيه من ضررٍ وشدَّةٍ فهو العلاج الوحيد الناجع لاستنقاذ بقية البدن، ومن كان مرضه وباءً يفتك به وينتشر إلى غيره لم يكن بدٌّ من حجره وإبعاده عن الناس مع ما في ذلك من الإضرار به..
فمثل المريض الأول المؤمن الَّذين تنتابه حالات ضعف وفتور في إيمانه لِغَلَبةِ شهوة فهذا ينفع معه تقوية الإيمان بالاستزادة من الطاعات والأذكار الشرعية، ومثل المريض الثاني مثل من شابت قلبه شائبة شبهة أو تأويل فاسد مانع من قبول الحق، فإذا نفيت عنه الشبهة وبينت له وجه الحقِّ انتقع بذلك ما كتب الله تعالى له الانتفاع، ومثل المريض الثالث مثل المعاند الجاحد الَّذي عرف الحقَّ فرفض الانقياد له عناداً وجحوداً فلم ينجع في ردعه إلا التهديد بالسيف أو إنفاذ ذلك السيف فيه إن لم يرعوي، كتارك الصَّلاة لا عن شبهةٍ ولكن عن عنادٍ وإصرارٍ, وأما المريض الرابع فمثله مثل أئمة الكفر المعاندين الجاحدين المحاربين ولكن لم يكتفوا بذلك حتى أصبحوا ينشرون أذاهم بين الناس يدعون إلى سبيل الباطل فهؤلاء لا بدَّ من استئصال شأفتهم رأفةً بالناس من حولهم, وهذا هو حال الطاعنِ السَّابِّ للنَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وهذا هو العنف والإرهاب في الإسلام يوضع في موضعه الصحيح، تماماً كما يضع الطبيب مِشرطه ومِبضعه من العضو النتن لينقذ حياة المريض، وكما يضع الحاكم سيفه على المجرمين قطاع الطرق حفظاً للأمن العام، والله الموفق.
* المرجع: نصرة خاتم الأنبياء: د. وسيم فتح الله.
طباعة
ارسال