الرّحمن جلّ جلّاله ذو الرحمة الواسعة الشاملة ، المتعطف برحمته وجلّائل نعمه على جميع خلقه فسبحانه هو الرحمن الرحيم، وهو الذي استوى على العرش وتجلّى على خلقه باسم الرحمن وليس باسم المتكبر الجبار، وكذلك أرسل رسوله سيدنا محمدا صلى الله عليه وسلم بالرحمة العامة . يقول تباركت أسماؤه في سورة الأنبياء / 126: ﴿وما أرسلناك إلاّ رحمة للعالمين﴾.
فخلق الله تعالى رسوله بالخلق العظيم وزينه بالحكم والكرم وأثنى عليه بقوله الكريم في سورة القلم/ 4:﴿وإنك لعلى خلق عظيم ﴾. فالله تعالى في السماء رحمن ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم في الأرض مظهر من مظاهر رحمة ربه الرحمن الرحيم. وشملت رحمة الله المؤمن والكافر كما عمت جميع مخلوقاته ، يقول جلّ جلّاله في سورة البقرة/ 126: ﴿وإذ قال إبراهيم ربِّ اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر . قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير ﴾.
ورحمة الله الرحمن الرحيم هي للجميع فجاء قوله العظيم في سورة الأعراف /156: ﴿ورحمتي وسعت كل شيء﴾. ولا يُسمى باسم الرحمن جلّ جلّاله غيره الحق، وهو جارٍ مجرى العلم المفرد ولم يرد في القرآن الكريم مجردا من الـ التعريف واسم الرحمن أصل لاشتقاق الرحمة وكذلك اشتقت من أسمائه الحسنى جميع الصفات والأفعال فهو الأول قبل كل شيء والله خلقكم وما تعلمون. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قال الله تعالى: أنا الرحمن ، أنا خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي فمن وصلها وصلته ومن قطعها قطعته ومن بتها بتته ". فإذا فكرنا في معاني الآيات واقتران اسم الرحمن باسم الله العظيم دعونا الرحمن لكل حاجة نبغيها، يقول عزّ شأنه في سورة الإسراء /110:﴿قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أياما تدعوا فله الأسماء الحسنى﴾ أوجب تبارك وتعالى السجود لذاته الرحمانية دون سائر صفاته وأسمائه الحسنى. وقال في سورة الحج /18: ﴿ألم ترَ أنّ الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب وكثير من الناس ﴾.
وأوجب الله سبحانه خصائص كثيرة للرحمن من خصائص أسمائه وصفاته بصفة الربوبية والخلق وجعل اسم الرحمن ذكرا للذاكرين، ونبّه إلي الاستعاذة به والتوكل عليه والصوم له وأنّ الناس تحشر إليه يوم القيامة يصورها عزّ وجلّ في سورة الرعد/30: ﴿كذلك أرسلناك في أمة قد خلت من قبلها أمم لتتلوا عليهم الذي أوحينا إليك وهم يكفرون بالرحمن قل هو ربي لا إله إلا هو عليه توكلت وإليه متاب﴾.
وإنّ حظ العبد من اسم ربه الرحمن جلّ جلّاله هو أن يتخلق بعين الرحمة وعون المخلوق بحوله أو دعائه ويورثه العلم والبيان. قال عزّمن قائل في الفرقان/ 63: ﴿وعباد الرحمن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاما ﴾، وقال في سورة الرحمن/1-4: ﴿الرحمن علم القرآن. خلق الإنسان. علمه البيان﴾.
كذلك تكرر اسم الرحمن في القرآن بقوله الكريم في سورة مريم /92:﴿وما ينبغي للرحمن ولدا. إن كل من في السماوات والأرض إلاّ أتى الرحمن عبداً. لقد أحصاهم وعدهم عداً ﴾. فمن علمه الرحمن القرآن علمه البيان وعلمه علوم الكون يقول تعالى في سورة الملك/3: ﴿ الذي خلق سبع سماوات طباقا ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت فارجع البصر هل ترى من فطور ﴾. وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله عزّ وجلّ خلق الخلق حتى إذا فزع من خلقه قامت الرحم فقال صه: فقالت: هكذا مكان العائذ بك من القطيعة قال نعم ، أما ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك ؟ قالت بلى يا رب قال: فذلك لك. وجاء اسم الرحمن على لسان مريم في سورة مريم /18 : ﴿فقولي أنى نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم إنسياً﴾.
* المصدر: أسماء في القرآن الكريم: محمد رجب السامرائي.
طباعة
ارسال