ترجمة موجزة للمؤلف:
اسمه ونسبه ونسبته وكنيته:
أبو الوليد سليمان بن خلف بن سعد بن أيوب بن وارث التجيبي، الأندلسي، القرطبي، الباجي، الذهبي المالكي.
مولده:
قال ابن غزلون الأموي: رأيت تاريخ مولده بخط أمه وكانت فقيهة أنه (سنة ثلاث وأربعمائة).
قال ابن بشكوال: قال أبو علي الغساني: سمعت أبا الوليد يقول: مولدي في ذي القعدة سنة ثلاث وأربعمائة، وقرأتُ بخط القاضي محمد ابن أبي الخير شيخنا رحمه الله.. قال: وولد يوم الثلاثاء في النصف من ذي القعدة سنة ثلاث وأربعمائة بمدينة بطليوس.
رحلاته وأشهر شيوخه:
سمع من: يونس بن مغيث، ومكي بن أبي طالب، ومحمد بن إسماعيل، وأبي بكر محمد بن الحسن بن عبدالوارث.. ثم ارتحل إلى دمشق، فسمع من: أبي القاسم عبدالرحمن بن الطبيز، والحسن بن السمسار، و.. وارتحل إلى بغداد، فسمع عمر بن إبراهيم الزهري، و.. ومحمد بن علي الصوري الحافظ.. والحسن بن محمد الخلال، وخلقا سواهم. وتفقه بالقاضي أبي الطيب الطبري، والقاضي أبي عبدالله الصيمري، وأبي الفضل بن عمروس المالكي. "سير أعلام النبلاء" (18/536)
أشهر تلامذته:
حدث عنه: أبو عمر بن عبدالبر، وأبو محمد بن حزم، وأبو بكر الخطيب، وعلي بن عبدالله الصقلي، وأبو عبدالله الحميدي، وأحمد ابن علي بن غزلون، .. وخلق سواهم. وتفقَّه به أئمة، واشتهر اسمه. "سير أعلام النبلاء" (18/537- 538)
بعض مؤلفاته:
قال القاضي عياض: وقد صنَّف كتابًا كبيرًا جامعًا، بلغ فيه الغاية، سماه "الاستيفاء"، وله كتاب "الإيماء في الفقه" خمس مجلدات، وكتاب "السراج في الخلاف" لم يتم، و"مختصر المختصر في مسائل المدونة"، وله كتاب في اختلاف الموطآت، وكتاب في الجرح والتعديل، وكتاب "التسديد إلى معرفة التوحيد"، وكتاب "الإشارة في أصول الفقه"، وكتاب "إحكام الفصول في أحكام الأصول"، وكتاب "الحدود"، وكتاب "شرح المنهاج"، وكتاب "سنن الصالحين وسنن العابدين"، وكتاب "سبل المهتدين"، وكتاب "فرق الفقهاء"، وكتاب "التفسير" لم يتمه، وكتاب "سنن المنهاج وترتيب الحجاج". "سير أعلام النبلاء" (18/538- 539)
مكانته العلمية وثناء العلماء عليه:
قال ابن بشكوال في "الصلة": روى عن أبيه معظم روايته وتواليفه، وخلف أباه في حلقته بعد وفاته، وأخذ عنه أصحاب أبيه بعده، وأخذ بقرطبة عن حاتم بن محمد، والعقيلي، وابن حيان. وكان فاضلاً دينًا من أفهم الناس وأعلمهم، وله تواليف حسان تدل على حذقه ونبله.
وقال الأمير أبو نصر: أما الباجي ذو الوزارتين ففقيه متكلم، أديب شاعر، سمع بالعراق، ودرس الكلام، وصنف... إلى أن قال: وكان جليلا رفيع القدر والخطر، قبره بالمرية.
وقال القاضي أبو علي الصدفي: ما رأيت مثل أبي الوليد الباجي، وما رأيت أحدًا على سمته وهيئته وتوقير مجلسه. "سير أعلام النبلاء" (18/539)
وفاته:
قال أبو علي بن سكرة: مات أبو الوليد بالمرية في تاسع عشر رجب، سنة أربع وسبعين وأربع مئة، فعمره إحدى وسبعون سنة سوى أشهر. "سير أعلام النبلاء" (18/544)
2- دراسة عن الكتاب:
اسم الكتاب:
اسم الكتاب – كما هو موجود في النسخة الخطية للكتاب -: "التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح"، فقد ذكر محقق الكتاب أنه قد كُتِب في آخر السفر الثاني: (تم كتاب التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح) مكتوب بخط مشرقي نسخي..
وقد ذكره الكتاني في "الرسالة المستطرفة" (ص 140) بهذا الاسم، وقد طبع الكتاب بهذا الاسم.
توثيق نسبة الكتاب للمؤلف:
مما يؤكد نسبة هذا الكتاب للإمام أبي الوليد الباجي ما يلي:
1. كُتِبَ في آخر النسخة الخطية للكتاب: (تمَّ كتاب التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح تأليف الفقيه الإمام الحافظ القاضي أبي الوليد الباجي)
2. ذكر محقق الكتاب أنه قد ورد اسم أبي الوليد الباجي على صفحات الكتاب إحدى عشرة مرة، مما يرجح أنه أملاه على تلاميذه.
3. بالنظر إلى بعض الروايات التي رواها المؤلف عن شيوخه في هذا الكتاب، فهم شيوخ أبي الوليد الباجي، الذين ثبت أخذه عنهم في مؤلفاته، وذكرهم غير واحد ممن ترجم له.
4. نسبه له واستفاد منه الأئمة الذين صنفوا في تراجم الرواة؛ كالذهبي في "ميزان الاعتدال" (4/150)، ومغلطاي في مواضع متفرقة من "إكمال تهذيب الكمال"، والحافظ ابن حجر في مواضع من "تهذيب التهذيب"، و"لسان الميزان"، وغيرهما من كتبه التي صنفها في تراجم الرواة.
5. نسبه له العلماء الذين ترجموا له؛ فذكره القاضي عياض في الغنية (135، 184)، وابن كثير في البداية والنهاية (16/80)، والذهبي في التذكرة (3/247).
6. نسبه له أصحاب كتب الفهارس والأثبات، فرواه ابن خير في "الفهرست" (ص180 رقم 351), ونسبه له الكتاني في "الرسالة المستطرفة" (ص 140) وسمَّاه: "التعديل والتجريح لمن روى عنه البخاري في الصحيح"، وحاجي خليفة في "كشف الظنون"، وسزكين في تاريخ التراث (1/1/252)
7. قال محقق الكتاب (د.أحمد لبزار): ليس ثمة شبهات تضعف من نسبة "التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح" لأبي الوليد الباجي، وليس هناك اختلاف بين نصوصه والعبارات المنقولة عنه في الكتب التي اقتبست منه، ككتاب "ترتيب المدارك"، و"السنن الأبين"، و"إفادة النصيح في التعريف بسند الجامع الصحيح"، و"فتاوى ابن تيمية"، و"ميزان الاعتدال"، و"طبقات الشافعية الكبرى"، و"الكواكب الدراري في شرح صحيح البخاري"، و"هدي الساري مقدمة فتح الباري"، و"تهذيب التهذيب"، و"عمدة القاري"، و"إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري"، و"الرفع والتكميل في الجرح والتعديل".. روى كتاب "التعديل والتجريح لمن خرج عنه البخاري في الجامع الصحيح" تلاميذه، كأبي الأصبغ عيسى بن محمد بن عبدالله بن عيسى بن مؤمل ابن أبي البحر الزهري، وأبي الحسن عبدالله بن موهب.
سبب تأليف الكتاب:
ذكر المؤلف سبب تأليف الكتاب في المقدمة فقال: فإنك سألتني أن أصنف لك كتابًا آتي فيه بأسماء من روى عنه محمد بن إسماعيل البخاري في صحيحه، من شيوخه ومن تقدمهم إلى الصحابة رضي الله عنهم، وأثبت فيه ما صحَّ عندي من كناهم وأسمائهم، وما ذكره العلماء من أحوالهم، ليكون مدخلاً للناظر في هذا العلم إلى معرفة أهل العلم والعدل من غيرهم، وسببًا إلى معرفة كثير من الرواة والوقوف على طرف من أخبارهم، فأجبتك إلى ذلك لما رجوتُ فيه من جزيل الثواب وتحريتُ الصواب جهدي، واستنفذت في طلبه وسعي، والله أسال أن يوفقنا له وينفعنا به، ويعين الناظر فيه على حسن مقصده، وجميل مذهبه برحمته.
فبيَّن رحمه الله أنَّ تأليفه لهذا الكتاب كان تلبيةً لطب شخصٍ - لم يُصح عن اسمه - طلب منه ذلك.
وصف الكتاب وموضوعه:
ابتدأ المصنف هذا الكتاب بمقدمةٍ ذكر فيها سبب تأليفه للكتاب، وذكر أسانيده للمؤلفات التي اعتمدها في الكتاب، فقال: وأسانيد ما ذكرت فيه عن "صحيح البخاري"، فحدثنا به أبو ذر قراءة عليه قال: أخبرنا أبو محمد الحموي، وأبو إسحاق المستملي، وأبو الهيثم الكشميهني؛ قالوا: أنبانا محمد بن يوسف الفربري، قال: أنبانا محمد بن إسماعيل البخاري.
وما ذكرته فيه عن "تاريخ البخاري"، فأخبرنا به أبو ذر قراءةً عليه قال: أنبانا زاهر بن أحمد أنبانا أبو محمد زنجوية بن محمد أنبانا البخاري.
وما أخرجته فيه عن "مسلم" فأخبرنا به أبو ذر، أنبانا أبو بكر محمد بن عبدالله الجوز في، أنبانا مكي بن عبدان أنبانا مسلم.
وما أخرجته فيه عن عبدالرحمن ابن أبي حاتم فأجازه لنا أبو ذر قال: أجازه لنا حمد الأصبهاني، قال: أجازه لنا عبدالرحمن وما أخرجته فيه عن الكلاباذي فأخبرناه أبو محمد بن الوليد قال: أنباه على ابن فهر عن أبي سعيد عمر بن محمد السجزي عن أبي نصر الكلاباذي.
وما كان فيه عن أبي عبدالله محمد بن عبدالله البيع، فأخبرنا به أبو بكر محمد بن علي المطوعي عنه.
وما كان فيه عن ابن عدي، فأخبرنا به أبو بكر بن سختويه، وأبو عبدالله محمد بن علي بن محمود جميعًا، عن أبي العباس الرازي عن ابن عدي، وأخبرنا به أبو بكر بن سختويه قال: أجازه لنا ابن عدي وما أخرجته فيه من تاريخ أبي حفص الفلاس، فأخبرنا به أبو القاسم الدبثائي عن أبي الحسن بن لؤلؤ، عن أبي بكر بن شهريار، عن أبي حفص.
وما كان فيه من "تاريخ ابن معين"، فأخبرنا به أبو ذر عن أبي عبدالله البيع، عن الأصم محمد بن يعقوب النيسابوري عن عباس بن محمد عن يحيى بن معين.
وما كان فيه من "تاريخ أبي العباس الأبار"، فأخبرنا به أبو بكر الخطيب أحمد بن علي بن ثابت، عن أبي الحسين محمد بن الحسين بن الفضل عن دعلج عن أبي العباس.
وأخرجت فيه غير ذلك مما وقع إليَّ في مذاكرة أهل الحديث، وكتبته عنهم في جملة المنثور من الحديث، وعلى وجه الانتقاء، وما سألت عنه الحفاظ وأهل العلم بهذا الشأن، كالشيخ أبي ذر عبد بن أحمد الهروي الحافظ، وأبي عبدالله محمد بن علي الصوري الحافظ، وأبي بكر الخطيب أحمد بن علي بن ثابت الحافظ، وأبي النجيب عبدالغفار بن عبدالواحد بن محمد الأرموي الحافظ وغيرهم.
ثم ذكر مدخلاً لعلم الجرح والتعديل، وقد قسَّم هذا المدخل إلى عشرة أبواب، فقال: وسأقدم بين يدي ذلك أبوابًا ومقدمات تعلم بها منهج معرفة الجرح والتعديل. فقد رأيتُ كثيرًا ممن لا علم له بهذا الباب، يعتقد أن هذا من جهة التقليد، وأنه لا يدرك بالنظر والاجتهاد، وأذكر بعد ذلك شيئًا مما يتوصل به إلى معرفة الصحيح من السقيم، إذ هو المقصود بعلم الجرح والتعديل. وأذكر بعد ذلك نبذة من نسب أبي عبدالله محمد بن إسماعيل البخاري، وتاريخ مولده ووفاته وحاله وحفظه وعلمه بالحديث، ووصف كتابة المذكور بما هو عليه. ثم أتبع ذلك ما قدمنا ذكره من ذكر الرواة في كتابة المذكور، والله الموفق للصواب.
وهذه الأبواب التي أشار إليها، هي: باب معرفة الجرح والتعديل أحوال المحدثين في الجرح والتعديل مما يدرك بالاجتهاد ويعلم بضرب من النظر. ثم باب في جواز الجرح وأنه ليس من باب الغيبة المنهي عنها وإنما هو من الدين. ثم باب الجرح والتعديل. ثم باب وصف المجرح الذي يطرح حديثه وتمييزه من العدل الذي يؤخذ بحديثه. ثم باب في رخص الحديث والأخذ عن الثقة. ثم باب ذكر أسانيد متفق على اطراحها. ثم باب في ذكر أسانيد اتفق على صحتها. ثم باب نسب محمد بن إسماعيل البخاري وتاريخ مولده ووفاته. ثم باب في وصف حياته وعلمه. ثم باب في ذكر تأليفه للكتاب الجامع وحكم الكتاب ومعناه.
ثم شرع في مقصود الكتاب؛ وهو تراجم رواة صحيح البخاري، وذكر أسمائهم وكناهم أو أسمائهم، أو كناهم وبلدانهم أحيانًا، ومواليدهم ووفياتهم إن كانت معروفة، وذِكر ما قيل فيهم من جرحٍ أو تعديل، وبعض الأبواب التي روى فيها عن كل منهم غالبًا.
عناصر الترجمة في الكتاب:
تتكون الترجمة في هذا الكتاب من العناصر التالية:
- اسم المترجم: وربما ذكر الراوي مقتصرًا على اسمه كـ (أسباط)، أو اسمه واسم أبيه كـ (أحمد بن صالح)، أو اسمه واسم أبيه وجده - وهو الغالب – كـ (يحيى بن خلاد بن رافع)، وأحيانا يذكر له سبعة أجداد أو اقل أو أكثر كما في ترجمة (شداد بن أوس بن ثابت بن المنذر بن حزام بن عمرو بن زيد مناة بن عدي بن عمرو بن مالك بن النجار)
- كنية المترجم: وكثيرًا ما يوثق الكنية معتمدًا على مصادره، من ذلك مثلا في ترجمة وراد: (قال مسلم: أبو الورد)، وفي ترجمة الحكم بن موسى (قال الكلاباذي: أبو صالح) وقد يكني المترجم له بكنيتين كما في قوله: (يحيى بن يعمر أبو سليمان ويقال: أبو سعيد).
وخصَّص بابًا لمن أسماؤهم في كناهم، وآخر: لكنى النساء.
- النسب: ويشرح الأنساب التي تحتاج إلى شرح، مثل قوله: الذماري، وذمار على مرحلتين من صنعاء. والدستوائي، ودستواء: كورة من الأهواز كان يبيع الثياب التي تجلب منها فنسب إليها. والسرماري: قرية من قرى بخارى، أو يفسره بمعنيين متباينين نحو: القطواني، ويقال: معني قطوان: بقال، قال ذلك الكلاباذي. قال لي أهل الكوفة أيام مقامي بها: إن قطوان قرية على باب الكوفة نسب إليها. أو يقول: أصله من بلخ. وقد يوثق بالنسب بأقوال العلماء، ومثال ذلك: في ترجمة حيوة بن شريح: قال أبو نصر: الحضرمي التجيبي. وعن محمد بن عبدالله بن إسماعيل: قال ابن عدي: البصري.
- يذكر ولاء المترجم، أو قرابته.
- صفة خلقية أو علمية، أو حرفة أو منصب تولاه المترحم.
- الباب أو الأبواب التي أخرج له فيها البخاري.
- قد يدرج في الترجمة حديثًا من الأحاديث التي رويت عنه.
- بعض تلاميذه الذين أخذوا عنه، ثم شيوخه الذين روى عنهم.
- ما قيل في الراوي من جرحٍ أو تعديل، وربما استطرد فذكر بعض الأخبار، ويستشهد في كل ذلك بأقوال العلماء في الغالب موثقًا بمصادره، كتواريخ البخاري، وابن أبي خيثمة، وابن الأبار، وابن أبي حاتم وابن عدي، والكلاباذي، وغيرهم.
- ينهي الترجمة بذكر سنة الولادة والوفاة إن وقعت له. وربما قرَّب سنة الوفاة بعهد وال من الولاة أو خليفة مثل قوله: (توفي في ولاية الحجاج)، أو (خالد بن عبدالله)، أو (عبيدالله بن زياد)، أو (في الخلافة عثمان)، أو (عبدالملك بن مروان). وإذا شك في تاريخ الوفاة قال: (مات سنة ست وثلاثين ومائة أو نحوها) ويعرض أحيانا الخلاف في سنة الوفاة أو السنة والشهر قائلا: (قال مكي: مات في أول يوم من صفر سنة ثمان وأربعين ومائة)، وقال عمرو بن علي: (مات سنة سبع وأربعين ومائة) وقال البخاري: (حدثني فضل بن يعقوب قال: مات هاشم بن القاسم سنة خمس ومائتين، قال غيره: مات ببغداد في شوال أو في ذي القعدة سنة سبع ومائتين)، أو يحدد سنة وفاته بوفاة غيره، ومثال ذلك: قال الهيثم بن عدي: (توفي بالبصرة قبل زياد بسنة، وتوفي زياد سنة ثلاث وخمسين)، وإذا تأكَّد من سنة الوفاة عيَّنها كما هو الحال في أكثر تراجم الكتاب.
منهج المؤلف في الكتاب:
نهج المؤلف في تصنيف هذا الكتاب المنهج الآتي:
1. قدَّم لكتابه بمقدمة نفيسةٍ كما سبق الإشارة إليها.
2. رتَّب أسماء الرواة على حروف المعجم، فقال في المقدمة: وأنا إن شاء الله آتي بما شرطته في أسماء الرجال على حروف الهجاء بالتأليف المعتاد في بلدنا، وبالله التوفيق وهو حسبنا ونعم الوكيل. وقد قسَّم المؤلف الحرف الواحد إلى أبواب، كباب: أحمد، وباب إبراهيم، وذلك إذا اجتمع في الباب شخصان فما فوق، ويختم الحرف بباب يجمع الأسماء المفردة تحت العنوان التالي: (باب تفاريق الأسماء على الألف). وقد خالف الترتيب الهجائي في بعض الأبواب، فابتدأ في حرف الألف بباب أحمد، وبدأ حرف الميم بباب محمد، وحرف العين بباب عبدالله، وكان الوضع الطبيعي يقتضى أن يبتدئ حرف الميم بباب مالك، وحرف العين بباب: عامر وما أشبه ذلك، ولكن جرت عادة كثير من المصنفين على الابتداء بهذه السماء وذلك لشرفها على غيرها في الحرف الواحد.
3. وكما أنَّ المؤلف خالف ترتيب الأبواب فيما بينها، خالف ترتيب الأسماء داخل الباب الواحد، فقدم أسماء الصحابة في أول كل باب، كما في باب محمد، فقد ابتدأه بمحمد بن مسلمة الصحابي الجليل، وكان المفروض أن يبتدئ بمحمد بن أبان.
4. قسَّم المؤلف كتابه إلى قسمين: الأول من بداية الكتاب إلى حرف الضاد، والثاني من حرف العين إلى آخر الكتاب. كما أنه قسمه إلى خمسه أقسام رئيسية، وهي: المقدمة، وأسماء الرجال - موزعة على تسعة وعشرين حرفًا - وباب الكنى، وباب أسماء النساء، وباب كنى النساء.
5. إذا اشتبهت بعض الأسماء، فإنه يحكي الخلاف فيها ويناقش في بعضها، ويستنتج ويرجح في البعض الآخر، ويلزم الحياد إذا لم يتضح له الأمر. من ذلك قوله في أبي أحمد: (يقال: إنه المرار بن حمويه الهمذاني النهاوندي، ويقال: إنه محمد بن يوسف البيكندي، ويقال: إنه محمد بن عبد الوهاب، والله أعلم. وقال في ترجمة يحيى بن زكرياء: يشبه عندي أن يكون زكرياء بن يحيى أبو السكين.
6. يحيل المؤلف على "الجامع الصحيح" على كتبه وأبوابه ليدلل على رواية المترجم له، ولا يستوعب جميع الأبواب التي روي فيها للمترجم له، ولا تلاميذه ولا شيوخه، بل يورد مجموعة من ذلك مضيفًا للباب أو الأبواب: وغير موضع. وللتلاميذ والشيوخ: وغيرهم. فإذا كان له حديث واحد نبه عليه قائلا: (وليس له في الكتاب غيره). وإن لم يكن له فيه أي حديث قال: ولم أرَ له في الكتاب ذكرًا.
7. يُعيِّن المؤلف الموضع الذي أخرج البخاري فيه حديثَ الراوي، حتى يستطيع القارئ أن يصل إلى مكانه في الجامع الصحيح بسرعة، فيقول: (أخرج البخاري في (أول الأدب)، أو (أول الإكراه)، و(أول الأشربة)، و(أول البيوع)، و(أول التفسير)، و...
8. يتكلَّم عن الرواة جرحًا وتعديلاً، ويكون الكلام إما منه، ومثال ذلك: في ترجمة يحيى بن سعيد القطان، قال: أحد الأئمة المشهورين بالحفظ والإتقان والمعرفة بالصحيح من السقيم والجرح والتعديل)، أو ينقل عن أئمة الجرح والتعديل، ومثال ذلك: في ترجمة إسحاق بن محمد بن إسماعيل الفروي، قال النسائي: (هو ضعيف ليس بثقة)، وربما أحال على الكتب التي اعتنت بذكر أقوال أئمة الجرح والتعديل، ككتاب "الجرح والتعديل" لابن أبي حاتم.
9. اجتهد المؤلف أن يستوعب جميع الرجال والنساء الذين روى عنهم البخاري في صحيحه، وأسقط بعض الأسماء الذين ذكرهم ابن عدي، وأضاف غيرهم، ولم ينقص مما أورده الكلاباذي، بل زاد عليه حوالي ستين ترجمة تبعًا لابن عدي، والدار قطني، وابن البيع. أو من تعليقات البخاري. ملمحًا أحيانًا إلى الأسماء المضافة بقوله: (ذكره)، أو (ذكرها) أبو عبدالله، أو (أبو الحسن) أو (ابن عدي)، (ولم أر له في الكتاب ذكرًا)، و(لم يذكره الكلاباذي)، و(لم أرَ لمحمد بن سليم في الكتاب ذكرًا على وجه الإخراج).
أهمية الكتاب ومزاياه:
تحلى هذا الكتاب بمزايا كثيرة، من أهمها:
1. مكانة مصنفه العلمية وعلو منزلته في هذا الفن، فالمصنف إمامٌ بارعٌ صاحب تصانيف رائقة.
2. أنَّ موضوع الكتاب هو تراجم رجال "صحيح البخاري"، الذي هو أصح الكتب بعد كتاب الله عز وجل، والاعتناء بهذا الكتاب والاعتناء برجاله له شأن عظيم كما لا يخفى.
3. هذه المقدمة النفيسة التي ابتدأ المؤلف كتابه بها، وقد ذَكَرَ فيها بعض قواعد الجرح والتعديل.
4. أنَّ المؤلف يذكر من خلال ترجمة الراوي المواطن التي خَرَّج فيها البخاري لهذا الراوي، يقول مثلاً: خَرَّج له في كتاب الوحي، أو في كتاب الإيمان، أو في كتاب الصلاة، وهذه فائدة مهمة. فإذا كان هذا الراوي خَرَّج له البخاري في موطنين أو ثلاثة يذكر بقيّة المواطن، فتستفيد من خلال ذلك، هل هذا الراوي أكثر عنه البخاري أو لم يكثر ؟
5. امتاز هذا الكتاب عن الكتب المؤلفة في رجال البخاري قبله، فزاد عليها ما رآه صالحًا للزيادة، وهذَّب ونقَّح.
6. اعتمدَ عليه واستفاد منه جُل من صنَّف في تراجم الرواة.
بعض المآخذ على الكتاب:
أخذ على المؤلف في هذا الكتاب بعض الأشياء التي لا تُقلِّل من قيمة الكتاب، وهي بعض الأوهام التي لا يخلو منها كتاب- حاشا كتاب الله تعالى -، ومن ذلك أنه قال في ترجمة الربيع بن نافع: (لم أرَ له في الجامع غير هذا الحديث الموقوف)، معه أن له حديثًا آخر في المزارعة. ومثال آخر: أنه جعل من محمد بن يزيد الكوفي البزاز الرفاعي، ومحمد بن يزيد الكوفي البزاز الحزامي رجلاً واحدًا، وخطَّأ ابن أبي حاتم والكلاباذي، والصواب: أنهما رجلان.
ومن ذلك: قال الحافظ ابن حجر في ترجمة (صالح بن نبهان مولى التوأمة): .. وقال العجلي: تابعي ثقة، وذكره أبو الوليد الباجي في "رجال البخاري"، وقال: أخرج له في الصيد مقرونًا بنافع مولى أبي قتادة. انتهى. وأما الكلاباذي فذكر أن المقرون بنافع هو نبهان مولى التوأمة، لا ابنه صالح، وتابع الكلاباذي غير واحد، وهو الصواب. أخطأ فيه الباجي خطأً فاحشًا، وذهل ذهولاً شديدًا، والذي في كتاب الصيد من "الصحيح" من طريق أبي النضر عن نافع مولى أبي قتادة، وأبي صالح مولى التوأمة عن أبي قتادة، وأبي صالح مولى التوأمة عن أبي قتادة. "تهذيب التهذيب" (4/356)
طبعات الكتاب:
طبع في دار اللواء للنشر والتوزيع- الرياض، بتحقيق: د. أبو لبابة حسين، الطبعة: الأولى، سنة (1406هـ)
وقد قام الباحث أحمد لبزار بتحقيق الكتاب كأطروحة لنيل درجة الدكتوراه، وطبع الكتاب في وزارة الأوقاف المغربية في (3) مجلدات.
* المصدر: الجمعية السعودية للسنة وعلومها.
طباعة
ارسال