عن عمرو بن عوف رضي الله عنه: أن رسول الله قال لبلال بن الحرث يوماً: ((اعلم يا بلال)) قال ((ما أعلم يا رسول الله )) قال: ((إن من أحي سنة من سنتي أميتت بعدي كان له من الأجر مثل من عمل بها من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً ومن ابتدع بدعة ضلالة لا يرضاها الله ورسوله كان عليه مثل آثام من عمل بها لا ينقص ذلك من أوزار الناس شيئاً)) رواه ابن ماجة والترمذي وحسنه قال الحافظ المنذري ((وللحديث شواهد)).
وعن أنس قال: قال رسول الله ((من أحب سنتي فقد أحبني ومن أحبني كان معي في الجنة)) رواه الترمذي.
قال الإمام السيد محمد بن المرتضي اليماني رحمه الله تعالى في مقدمة كتابه ((إيثار الحق على الخلق)) ما نصه: ((المحامي عن السنة الذاب عن حماها كالمجاهد في سبيل الله تعالى يعد للجهاد ما استطاع من الآلات والعدة والقوة كما قال الله سبحانه (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) وقد ثبت في الصحيح أن جبريل عليه السلام كان مع حسان بن ثابت يؤيده ما نافح عن رسول الله في أشعاره فكذلك مع ذب عن دينه وسنته من بعده إيماناً به وحباً ونصحاً له ورجاء أن يكون من الخلف الصالح الذين قال فيهم رسول الله ((يحمل هذا العلم من كل خلف عدو له ينفون عنه تحريف الغالين وانتحال المبطلين)) والجهاد باللسان أحد أنواع الجهاد سبله وفي الحديث ((أفضل الجهاد كملة حق عند سلطان جائر)) وقد أحسن من قال في هذا المعنى شعراً:
(جاهدت فيك بقولي يوم يختصم ال أبطال إذ فات سيفي يوم يمتصع
(عن اللسان لوصال إلى طرق في الحق لا تهتديها الذبل السرع
ثم قال ((ولا ينبغي أن سنتوحش الظافر بالحق من كثرة المخالفين له كما لا يستوحش الزاهد من كثرة الراغبين ولا المتقى من كثرة العاصين ولا الذاكر من كثرة الغافلين ينبغي منه أن يستعظم المنة باختصاصة بذلك مع كثرة الجاهلين له الغافلين عنه وليوطن نفسه على ذلك فقد صح عن رسول الله وآله وسلم أنه قال ((عن هذا الدين بدأ غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء)) رواه مسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة ورواه الترمذي من حديث ابن مسعود وقال ((هذا حديث حسن صحيح)) ورواه ابن ماجه وعبد الله بن أحمد من حديث أنس وروي البخاري نحوه بغير لفظه من حديث ابن عمر وعن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه أفضل السلام عن رسول الله أنه قال ((طلب الحق غربة)) رواه الحافظ الأنصاري في أول كتابه ((منازل السائرين إلى الله)) من حديث جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جده وقال ((هذا حديث غريب. لم اكتبه عالياً إلا من رواية علان ولذلك شواهد قوية عن تسعة من الصحابة ذكرها البيهقي في ((مجمع الزوائد)) فنسأل الله أن يرحم غربتنا في الحق ويهدي ضالنا ولا يردنا عن أبواب رجائه ودعائه وطلبه محرومين إنه مجيب الداعين وهادي المهتدين وأرحم الراحمين)).
* المصدر: كتاب قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث: للعلامة جمال الدين القاسمي الدمشقي.
طباعة
ارسال