كلنا نريد تحقيقَ النجاحِ في الحياة ، ونتمنى التوفيق في كافةِ أمورنا ، ونرغبُ أن نسيرَ مع ركب المتميزين وثمةَ أمرٌ يجمعُ لك أصولَ النجاحِ والتوفيق .
إنها الاستشارة.. نعم الاستشارة .
تلك الجملة التي نتمنى أن نعيشَ في ظلالها ونقطفُ ثمارها .
الاستشارةُ هي الوسيلةُ المختصرة لسعادتك في كافة أمورك .
الاستشارةُ هي النور الذي يضيءُ طريقَ حياتك .
الاستشارة ، إحدى الأوامر التي أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم (وشاورهم في الأمر).
الاستشارةٌ وصف تميز به أهل الإيمان (وأمرُهم شورى بينهم).
تعالوا معي لنعيشَ في بساتينِ الاستشارة :
الاستشارة هي أن تعرض مشكلتك أو موضوعك على أحدِ الحكماء ليعطيك رأيه وخبرته في ذلك الموضوع .
وقديماً قيل : "الاستشارةُ هي استئجارٌ مجاني لعقول الحكماء" .
ولو رحلنا في تاريخ الاستشارةِ قليلاً ، فسنجد في تاريخ الأنبياء نماذج :
فهذا موسى عليه السلام يطلبُ من ربه شخصاً يسانده في الدعوة فيقول (واجعل لي وزيراً من أهلي هارون اشدد به أزري وأشركه في أمري).
وفي سيرة نبينا صلى الله عليه وسلم تجد عدة مواقف تدل على أنه كان يستشير، فجاء عنه استشارته في المعارك ؛ وثبت عنه استشارته لزوجتهِ أم سلمة رضي الله تعالى عنها لما رفض بعض الصحابة أن يحلقوا شعورهم في قصة الحديبية ،وكان صلى الله عليه وسلم يقضي الليل مع أبي بكر وعمر في شأن المسلمين .وكان الصحابة يتشاورون فيما بينهم في قصصٍ يطولُ المقامُ فيها .
وفي واقعنا: ولعظيم مكانة الاستشارة في المجتمع فإنّ كل الجهات الحكومية والشركات تعتني بقسمِ الاستشارات فيها .
وحتى نستفيدُ من موضوعِ الاستشارةِ فلابد أن نتناول بعض التفصيلات المهمة فيها .
فتأملوا بعض الصفات التي ينبغي أن تكون في الشخص المستشير ، ومن أهمها :
1- أن يكونَ صادقاً في طلب الاستشارة وليس مجرباً للرأي الذي سيسمعه من المستشار .
2- أن يتواضع للمستشار فربما كان المستشارُ أصغرُ منك سناً أو من جنسية أخرى ، فلا تتكبر ، واقبل الرأي والحكمة ممن جاء بها .
3- وضِّح المعلومات كلها للمستشار ، ولا تكتم معلومةً في استشارتك حتى يكون الجواب الذي تسمعهُ محيطاً بكل جوانبك .
4- اختر الشخص الحكيم الذي يجمع بين صفة العلم والخبرة والحكمة .
5- ليس شرطاً أن يكون المستشار والدك أو صديقك ، فربما كانوا لا يدركون الجواب المناسب لك .
6- ابتعد عن الشخص المستعجل أو ضعيف العلم لأنه يضرك في الاستشارة .
7- اختر الشخص المتخصص في موضوعك ، فمثلاً إن كانت استشارتك في موضوعٍ مالي فاختر المستشار الذي له عناية بالمال ، وإن كان موضوعك عن الأسرة فاختر المستشار الخبير بالقضايا الأسرية .
نقول هذا ، لأن بعضَ الناس يستشيرُ في موضوعهِ أي شخصٍ يقابله ممن يعرف من الأقاربِ أو الزملاء ، وربما لم يكونوا من أهل التخصص في الاستشارة .
7- حينما تتضحُ الرؤيةُ لك ، فنفذ كلام المستشار ، وخاصةً إذا توافق مع غيره من الحكماء .
إننا بحاجةٍ للاستشارة في عدةِ قضايا في حياتنا .
ففي الجانب الأسري قد يحدثُ بينك وبين زوجتك خلاف ، وقد لا تدرك الحل المناسب لها ، فليس عيباً أن تستشير .
وكم من زوج غفل عن الاستشارة واتخذ الرأي بشكلٍ سريع فوقع في مشكلاتٍ أكبر من مشكلته الأولى ثم ندم كثيراً .
وفي الجانب المالي نحتاجُ للاستشارة ، وكلنا يعلم أن بعضَ التجار كان نجاحهم بعد توفيق الله بسببِ استشارةٍ من خبيرٍ في عالم التجارة .
وأما ذلك الذي استعجل في مشروعه التجاري أو العقاري فقد وقع في ورطات الديون ولم يحقق إلا الفشل والندم وربما نزل السجنُ بسبب مطالبات الناس .
وتعال للجانب الوظيفي ، كم من قضية تدور في العمل بحاجةٍ إلى استشارة ، وكم يحزنك أن ترى مديرك يتخذ القرارات بشكل فوضوي مما يضر بالعمل والعاملين معه .
وفي الجانبِ الدعوي نحتاجُ للاستشارة في اختيارِ الموقف الدعوي المناسب للقضايا التي تعترض طريق الدعوة .
ونحتاج للاستشارة في كيفية التعامل مع المدعوين على اختلاف طبقاتهم .
هناك صفات لابد من توفرها في الشخص الذي تستشيره ومنها :
1- أن يكون أمنياً ، فلا يجوز لك أيها المستشار أن تنشر قصة المستشير ، وقد قال صلى الله عليه وسلم :[المستشار مؤتمن] .
2- إذا عرفت الجواب فالحمد لله ، وأما إذا لم تعلم فلا تتحدث مع صاحب الاستشارة بلا علم ، وقل : لا أدري ، أو أرشده لمن تعرف أنه يعلم .
3- لاتكن عاطفياً مع المستشير ، وقدِّم الرأي الذي تعتقدُ أنه الأفضلُ له ، واعلم أن رأيك ربما كان صلاحاً للمستشير في دينه أو دنياه فاتق الله في الجواب الذي تعطيه إياه .
قد نصادفُ بعض الناس الذين يظنون أن الاستشارة دليل على ضعف العقل وغياب الحكمة ، ولهذا هم لا يستشيرون .
إن هؤلاء أكثر الناس وقوعاً في الخطأ ، ولكنهم لا يعلمون .
فلو كانت الاستشارة ضعفٌ في العقل لما أمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بها .
ولو كانت الاستشارة دليلٌ على غياب الحكمة لما اعتنت بها الدول في كل شؤونها .
اجعلوا الاستشارة ركنا مهما في حياتكم ، واغرسوها في نفوس زوجاتكم وأولادكم .
* إسلام ويب.
طباعة
ارسال