القراءات: جمع قراءة، مصدر قرأ في اللغة، ولكنها في الاصطلاح العلمي: مذهب من مذاهب النطق في القرآن يذهب به إمام من الأئمة القراء مذهباً يخالف غيره.
وهي ثابتة بأسانيدها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويرجع عهد القراء الذين أقاموا الناس على طرائقهم في التلاوة إلى عهد الصحابة، فقد اشتهر بالإقراء منهم: أبي، وعلي، زيد بن ثابت، وابن مسعود، وأبو موسى الأشعري، وغيرهم، وعنهم أخذ كثير من الصحابة والتابعين في الأمصار. وكلهم يسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقد ذكر الذهبي في «طبقات القراء» أن المشتهرين بإقراء القرآن من الصحابة سبعة: عثمان، وعلي، وزيد بن ثابت، وأبو الدرداء، وأبو موسى الأشعري، قال: وقد قرأ على«أبي» جماعة من الصحابة، منهم: أبو هريرة وابن عباس وعبد الله بن السائب، وأخذ ابن عباس عن زيد أيضاً.
وأخذ عن هؤلاء الصحابة خلق كثير من التابعين في كل مصر من الأمصار.
كان منهم «بالمدينة» ابن المسيب، وعروة، وسالم، وعمر بن عبد العزيز، وسليمان وعطاء ابنا يسار، معاذ بن الحارث المعروف بمعاذ القارئ، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وابن شهاب الزهري، ومسلم بن جندب، وزيد بن أسلم.
وكان منهم «بمكة» عبيد بن عمير، وعطاء بن أبي رباح، وطاوس، ومجاهد، وعكرمة، وابن أبي مليكة.
وكان منهم «بالكوفة» علقمة، والأسود، ومسروق، وعبيدة، وعمرو بن شرحبيل، والحارث بن قيس، وعمرو بن ميمون، وأبو عبد الرحمن السلمي، وسعيد بن جبير، والنخعي، والشعبي.
وكان منهم «بالبصرة» أبو عالية، وأبو رجاء، ونصر بن عاصم، ويحيى بن يعمر، والحسن، وابن سيرين، وقتادة.
وكان منهم «بالشام» المغيرة بن أبي شهاب المخزومي، صاحب عثمان، وخليفة بن سعد، صاحب أبي الدرداء.
وفي عهد التابعين على رأس المائة الأولى تجرد قوم واعتنوا بضبط القراءة تامة، حين دعت الحاجة إلى ذلك، وجعلوها علماً كما فعلوا بعلوم الشريعة الأخرى، وصاروا أئمة يقتدى بهم ويرحل إليهم. واشتهر منهم ومن الطبقة التي تلتهم الأئمة السبعة الذين تنسب إليهم القراءات إلى اليوم، فكان منهم «بالمدينة» أبو جعفر يزيد بن القعقاع، ثم نافع بن عبد الرحمن وكان منهم «بمكة» عبد الله بن كثير، وحميد بن قيس الأعرج، وكان منهم «بالكوفة» عاصم بن أبي النجود، وسليمان الأعمش، ثم حمزة، ثم الكسائي، وكان منهم «بالبصرة» عبد الله بن أبي إسحاق، وعيسى بن عمرو، وأبو عمرو بن العلاء، وعاصم الجحدري، ثم يعقوبا الحضرمي، وكان منهم «بالشام» عبد الله بن عامر، وإسماعيل بن عبد الله بن المهاجر، ثم يحيى بن الحارث، ثم شريح بن يزيد الحضرمي.
والأئمة السبعة الذين اشتهروا من هؤلاء في الآفاق هم: أبو عمرو، ونافع، وعاصم، وحمزة، والكسائي، وابن عامر، وابن كثير.
والقراءات غير الأحرف السبعة- على أصح الآراء- وإن أوهم التوافق العددي الوحدة بينهما، لأن القراءات مذهب أئمة، وهي باقية إجماعاً يقرأ بها الناس، ومنشؤها اختلاف في اللهجات وكيفية النطق وطرق الأداء من تفخيم والترقيق، وإمالة، وإدغام، وإظهار، وإشباع، ومد، وقصر، وتشديد، وتخفيف...الخ، وجميعها في حرف واحد هو حرف قريش.
أما الأحرف السبعة فهي بخلاف ذلك على نحو ما سبق لك، وقد انتهى الأمر بها إلى ما كانت عليه العرضة الأخيرة حين اتسعت الفتوحات، ولم يعد للاختلاف في الأحرف وجه خشية الفتنة والفساد، فحمل الصحابة الناس في عهد عثمان على حرف واحد هو حرف قريش وكتبوا به المصاحف كما تقدم.
- كتاب مباحث في علوم القرآن الكريم: مناع القطان.
طباعة
ارسال